من نفحات رمضان :-
ربيع القلوب
شهر رمضان ربيع القلوب ، والقرآن شفاء لما في الصدور ، ولآيات الذكر الحكيم وقع
وتأثير على النفوس فهي تحيي القلوب وتلين الجلود فيخرج دعاء وبكاء ومناجاة من القلوب
الخاشعة والعيون الدامعة .
يقول الله عز وجل :" الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني
تقـشعر منه جلود الذين
يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله " (الزمر23)
وكان المصطفى صلى الله عليه وسلم يصلي ولصدره أزيز كأزيز المرجل من
البكاء .
ويطلب من ابن مسعود رضي الله عنه أن يقرأ عليه القرآن فلما بلغ قول
الله عز وجل : فكيف
إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا " (النساء41) يقول : حسبك ، وينظر إليه ابن مسعود فإذا
عيناه تذرفان " .
ويسمع من عجوز تقرأ قول الله عز وجل :هل أتاك حديث الغاشية " (الغاشية
1) وتبكي وتعيد
وتبكي فيضع رأسه على الباب ويبكي صلى الله عليه وسلم ويقول :" نعم أتاني ، نعم أتاني " وهذا أبو بكر الصديق
أبرز تلاميذ مدرسة النبوة ، رجل أ سيف ، رقيق القلب لا يستطيع القراءة من كثرة
البكاء رضي الله عنه وأرضاه .
وعمر بن الخطاب رضي الله عنه المعروف بجلده وقوة قلبه وشدة بأسه
وشكيمته يسمع قارئا أثناء تجواله في الليل لتفقد الرعية يقرأ :
والطور * وكتاب مسطور* في رق منشور* والبيت المعمور* والسقف المرفوع
* والبحر المسجور* إن عذاب ربك لواقع *ماله من دافع " (الطور 18)
فيقول: "قسم حق ورب الكعبة" ، ويخر مغشيا عليه فيحمل إلى
بيته ويبقى مريضا ثلاثين يوما يعوده الناس .
القرآن كلام رب العالمين ، يدهش العقول ويبكي العيون ، وينفذ حتى
إلى قلوب المشركين والكافرين .
فعتبة بن ربيعه يأتي بوجه ويسمع آيات من الذكر الحكيم فيعود بوجه
آخر ، ويشهد قائلا :والله
ما سمعت مثله قط ، ما هو بالشعر ، ولا بالسحر ، ولا بالكهانة .
والنجاشي يسمع آيات من سورة مريم يقرأها جعفر بن أبي طالب فتفيض
أعينه من الدمع فتنزل فيه
الآية : وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق
يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين
" (المائدة 83)
هكذا القرآن يؤثر في القلوب ويغير النفوس .ولله دره ما أعظم أثره .